ورد في الحديث الصحيح عنه، أنه قال: " من رآني في المنام فسيراني في اليقظة، فإن الشيطان لا يتمثل بي ". وفي رواية أخرى: " من رآني فقد رأى الحق ". وفي رواية أنس رضي الله عنه: " من رآني في المنام فلن يدخل النار ". وفى رواية: " لن يدخل النار من رآني في المنام ". وفي رواية: " من رآني في منامه فقد رآني حقاً ولا ينبغي للشيطان أن يتصور بصورتي ". وهناك روايات أخرى، وقد اختلف العلماء في معنى الحديث: فقال جماعة: هي رؤية النبي في صورته التي كان عليها، وقال ابن سيرين رحمه الله: في صورته التي قبض عليها، ويؤيده حديث عاصم بن كليب ولفظه عند الحاكم بسند جيد، قلت لابن عباس رضي الله عنهما: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال: صفه لي، فذكرت الحسن بن علي فشبهته به فقال: رأيته، ولا يعارضه خبر من رآني في المنام فقد رآني فإنني أرى في كل صورة لأنه ضعيف، وقال آخرون: ولا يشترط ذلك منهم إبن العربي رضي الله عنه، قال ما حاصله رؤيته عليه السلام بصفته المعلومة إدراك للحقيقة وبغيرها إدراك للمثال، فإن الصواب أن الأنبياء عليهم السلام لا تغيرهم الأرض فإدراك الذات الكريمة حقيقة، وإدراك الصفات إدراك للمثال، وقال إبن أبي حمزة رؤياه في صورة حسنة حسن في دين الرائي، لأنه صلى الله عليه وسلم كالمرآة الصقيلة ينطبع فيها ما يقابلها، وهذه هي الفائدة الكبرى في رؤيته عليه السلام إذ بها يعرف حال الرائي، وقد ذكر هذا إبن حجر الهيثمي رحمه الله تعالى في شرح شمائل الترمذي، وكذلك سائر الأنبياء عليهم السلام، فإن الشيطان لا يتمثل بالله ولا بالأنبياء ولا بالملائكة عليهم السلام
ومن رأى: نبينا محمداً وكان مهموماً فرج عنه أو سجيناً خرج من سجنه، وإذا كان في غلاء فرج عنه، وإن كان مظلوماً نصر أو خائفاً أمن، ورؤيته بشارة للرائي بحسن العاقبة في دينه ودنياه، فإن رآه مقبلاً عليه أو مؤتماً به في صلاته أطعمه شيئاً حسناً أو كساه ملبوساً لائقاً، وإن كان عالماً عمل بما علم، وإن كان عابداً بلغ منازل أهل الكرامات، وإن كان عاصياً تاب، وإن كان كافراً اهتدى، لقوله تعالى: " فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي ". وتدل رؤية الرسول على إظهار الحجج وصدق المقالة والوفاء بالوعد. وربما حصلت من أهله وأقاربه العداوة والحسد والبغضاء. وربما فارق أهله وانتقل من وطنه إلى غيره. وربما أدركه اليتم من أبويه، وقد تدل رؤيته على إظهار الكرامات، لأن الظبي سلم عليه، والبعير قبل قدميه، وأسري به إلى السماء، وكلمه الذراع، ومشت الأشجار إليه، وإن كان الرائي من الكحالين الذين يعالجون الأبصار بلغ في صناعته مبلغاً عظيماً، لأنه عليه السلام رد عين قتادة، وإن أجهد الناس العطش دل على نزول الغيث لأنه صلى الله عليه وسلم نبع الماء من بين أصابعه، وإن رأته امرأة بلغت مرتبة عظيمة، وشهرة صالحة، وعفة وأمانة. وربما ابتليت بالضرائر ورزقت نسلاً صالحاً، وإن كانت ذات مال أنفقته في طاعة الله تعالى، لرؤيته عليه السلام تدل على الصبر على الأذى. وربما دلت رؤيته على نصر المؤمنين ودمار الكافرين، وإن رآه مدين قضي دينه، وإن رآه مريض شفاه الله تعالى، وإن رآه محارب نصره الله تعالى، وإن رؤي في أرض مجدبة أخصبت
ومن رأى: جنازة الرسول عليه السلام فيحدث تلك البقعة مصيبة فظيعة، وإن شيع جنازته فإنه يميل إلى البدعة، وإن زار قبره أصاب مالاً عظيماً
ومن رأى: أنه إبن الرسول عليه السلام دل على خلوص إيمانه ويقينه
ومن رأى: أنه تحول في صورته عليه السلام وكان طالباً للملك ناله ودانت له الأرض، وإن كان في ذل أعزه الله، وإن كان طالب علم ناله، وإن كان فقيراً استغنى أو عازباً تزوج أو كان في مكان ضرب فإنه يعمر ببركته، ومن رآه عليه السلام يؤذن في موضع كثر خصبه ورجاله، وإن رأته حامل أو رآه زوجها، فإن الحق كلام، ومن رآه حسناً فهو زيادة في دين الرائي
ومن رأى: لحيته سوداء فينال سروراً وخصباً
وإن رأى عنقه غليظاً فالإمام حافظ لأمانة المسلمين، ومن رآه عليه السلام في عسكر وعليه سلاح وهم يضحكون، فإن جيش المسلمين ينهزم
ومن رأى: أنه عليه السلام يمشط رأسه ولحيته فإنه يدل عن زوال هم، ومن رآه يؤاخي بين الصحابة فينال علماً وفقهاً
ومن رأى: قبره عليه السلام وكان تاجراً ربح في تجارته
ومن رأى: أنه أبو النبي على السلام فيفسد دينه ويضعف يقينه
وإن رأى واحدة من زوجات النبي عليه السلام هي أمه زاد إيمانه
ومن رأى: أنه يمشي وراء النبي عليه السلام فإنه يتبع السنة
ومن رأى: أنه يأكل وحده، فإن الرائي يمنع السائل ولا يتصدق
وإن رأى النبي عليه السلام بلا نعل فإنه تارك الصلاة مع الجماعة، ومن رآه لابساً خفيه فإنه يأمره بالجهاد في سبيل الله تعالى
ومن رأى: دمه مخلوطاً بدم النبي عليه السلام فإنه يصاهر شريفاً، فإن ناوله النبي شيئاً مما يستحب كالرطب والعسل فإنه يحفظ القرآن وينال من العلم بقدر ما ناوله
ومن رأى: النبي عليه السلام في صورة شاب طويل فتكون بين الناس فتنة وقتل، فإن رآه وهو شيخ كبير، فإن الناس في عافية، وإن رآه أبيض اللون فإنه يتوب إلى الله تعالى ويحسن عمله، ومن رآه يعاتبه، أو يجادله، فإن ذلك بدع قد أحدثها في الدين